ينطلق فى محراب جسد
من أن هناك معبداً وحيداً حقيقياً على هذه الأرض، هو جسد الإنسان يجب معرفة طقوسَ هذا المعبد وفلسفته، أرضه وكواليسه وأسراره، جنونه وفجوره وهلوساته، حقائقه وأقنعته وأكاذيبه، صوره وظلاله وتجلياته، الجميلة منها والبشعة، الملموسة والمجرّدة، الحسيّة والروحانية على السواء، في تصميمٍ مثقّفٍ ورصينٍ وعارف وعنيد على كسر أغلال المحرمات - توقاًً إلى أعلى سماءٍ للحرية بستحقها يد كل كاتب وعالم وفنان في هذه الحياة.

سبع لحظات ...بقلم /فنان معاصر

    
   1 - مذاق
مص ثديها الأيمن فخبِر طعم الوردة, ورضع الأيسر فغطس في خدر الشبع.. استحلب لسانها, فوضعت طفلا تجاوز مرحلة الرضاعة إلى الفطام في غمضة عين.
      
                                2- إشارة
رشقها  بإشارة تعجب.. ضحكت وحثت الخطى, امتطى راحلة الوقت ولحق بها, ولحظة أصبح العقرب الطويل فوق العقرب القصير, صحا على رجفة مَن بلل منامته..


                                3 – والدهشة أيضا..
سألته عن الفرق بين المتعة واللذة.. وقبل أن يغطس في حيرة الإجابة أخذت شفتيه إلى فمها وقضمت طرف لسانه, فتعرف على المتعة واللذة والدهشة أيضا..


                                   4-  عتبة
أخذها عنوة, فانهدل ثدياها مثل قربتين فارغتين من حليب الشهوة.. رقد بين فخذيها صاغرا, فانفتحت له بوابات حدائقها.. أدرك سرها فصارت جارية تنتظره عند عتبة الدار.. وفي ليلة سألها:
- هل الحب شهوة؟
- بل هو الدرب إلى الشهوة.
وأشارت إلي أسفل سرتها, رأى برعما يتورد.. وأخذ المكان يعبق بشذى حديقة الرغبة.


                                   5- حمامة بيضاء
في حارتنا شاب وسيم الطلعة, وشاب دميم الخلقة..
وفي حارتنا تهامست النساء في أمر الجميلة التي وقعت في غرام دميم الخلقة, وأعرضت مع سبق الإصرار عن الوسيم.. فلجأن لعرافة الحارة.. قالت العرافة:
-  عين العاشق في قلبه.
وفي صباح ما حاصر صبيان الحارة بيت الجميل, ورجموه بحجارة نقافاتهم لأن أفراخ غراب يسكن صدره انقضت على زغاليل حمامة بنت عشها في صدر الدميم..


                             6- وردة العاشق
عاشق, تمنى لو يهدي خطيبته وردة بيضاء في يوم عيد ميلادها, فلم يعثر في جيبه على شيكل واحد, فكتب لها قصيدة زرع فيها باقات الورود التي تحبها, لكنه لم يجد ورقة بيضاء يسطر عليها القصيدة, فكتبها على ورقة كلنكس أخذها من بائع الفلافل الطيب..
وفي الطريق تذكر حماته التي لا تمل من تذكيره بميعاد الفرح, فضربته قشعريرة الجوع.. سعل وبصق في الورقة.. بكى.. واصل الطريق وظل يبكي..
أخذته خطيبته إلى حضنها وربتت على ظهره, وهمست:
- ضربوكَ؟
- وكيف عرفتِ؟
فتحت طاقة صدرها, رأى قلبهاِ.. وشوشها بقصيدة طازجة تبرعمت بينهما  للتو..


                          7- خواء
هبطت من الغيمة عارية ترقص على أطراف أصابعها, سألته بمكر:
- متى يأتيك الفيض؟
- عندما تحضرين.
- ومتى يستعصي عليك؟
- عندما تغيبين.
حدقت في عينيه وسألت متحدية:
- ومتى تُجهض أحمالك؟
- عندما أحلم, فلا تكونين.
تلفعت بغلالة من ضوء, سترت عريها عنه, وطارت نحو الغيمة.. صرخ:
- من أنتِ؟
- أنا هي.
- عودي إذن..!!
- لا أسكن جمجمة لا تحمل فكرة

جسد الإنسان يجب معرفة طقوسه
وفلسفته أرضه وكواليسه وأسراره
الجسد هو الحياة نفسها، بكل تجلياتها
الجسد هو المسافة الفاصلة بين الحياة و الموت